فصل: مناسبة الآية لما قبلها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآيات (10- 13):

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما أنتج هذا كله نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل حال ودمار من يخالف أمره، أنتج قطعًا أن الجهاد معه متجر رابح لأن النصر مضمون، والموت منهل لابد من وروده سواء خاض الإنسان الحتوف أو احترس في القصور المشيدة، فقال تعالى في أسلوب النداء والاستفهام لأنه أفخم وأشد تشويقًا بالأداة التي لا يكون ما بعدها إلا بالغًا في العظم إلى النهاية: {يا أيها الذين آمنوا} أي قالوا في إقرارهم بالإيمان ما عليهم أن يفعلوا بمقتضاه {هل أدلكم} وأنا المحيط علمًا وقدرة، فهي إيجاب في المعنى ذكر بلفظ الاستفهام تشويقًا ليكون أوقع في النفس فتكون له أشد تقبلًا، والآية أيضًا نتيجة ما مضى باعتبار آخر لأنه لما وبخ على انحلال العزائم واخبر بما يجب من القتال، وبكت على أذى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمخالفة، وأخبر أن من خالفه لا يضر إلا نفسه، كان موضع الاستباق في طاعته فرتب عليه الاشتياق إلى ذكر ثمرته فذكرها، ولما كان فعل حاطب رضي الله عنه لأجل أنه لا نجاح أهله الذين كانوا بمكة في أنفسهم ولا في شيء من مالهم، وكان هذا في معنى التجارة قال: {على تجارة} وقراءة ابن عامر {تنجيكم} بالتشديد أنسب لهذا المقام من قراءة الجماعة بالتخفيف، وقراءة الجماعة أنسب لمقصود حاطب رضي الله عنه {من عذاب أليم} بالإجاحة في النفس أو المال.
ولما كان الاتجار إجهاد النفس في تحصيل الربح النافع، وكان الإيمان والجهاد أعظم إجهاد النفس في تحصين- الجنة الباقية التي لا ريح توازيها، فاستعار لهما اسمها، وكان جواب النداء الإقبال وجواب الاستفهام نعم، عدوا كأنهم أقبلوا وأنعموا تنبيهًا على ما هو الأليق بهم، فاستأنف لهم بيان التجارة بأنه الجمع بين الإيمان الذي هو أساس الأعمال كلها، والجهاد بنوعيه المكمل للنفس والمكمل للغير فقال: {تؤمنون} أي آمنوا بشرط تجديد الإيمان على سبيل الاستمرار {بالله} الذي له جميع صفات الكمال {ورسوله} الذي تصديقه آية الإذعان المعنوية والخضوع لكونه ملكًا {وتجاهدون} أي وجاهدوا بيانًا لصحة إيمانكم على سبيل التجديد والاستمرار.
ويدل على أنهما بمعنى الأمر ما أرشد إليه جزم ما أقيم في موضع الجواب مع قراءة عبد الله رضي الله عنه: {آمنوا} و{جاهدوا}- بصيغة الأمر {في سبيل الله} أي بسبب تسهيل طريق الملك الأعظم الموصل إليه الذي لا أمر لغيره بحيث يكون ظرفًا لكم في جميع هذا الفعل فلا شيء يكون منه خارجًا عنه ليكون خالصًا بفتح بلد الحج ليسهل الوصول إليه من كل من أراده وغير ذلك من شرائعه فتكونوا ممن يصدق فعله قوله، وهذا المعنى لا وقفة فيه لأنه فرق بين قولنا: فلان فعل كذا- الصادق بمرة، وبين قولنا بفعله الدال على أن فعله قد صار ديدنًا له، فالمعنى: يا من فعل الإيمان إن أردتم النجاة فكونوا عريقين في وصف الإيمان حقيقين به ثابتي الإقدام فيه وأديموا الجهاد دلالة على ذلك فإن الجهاد لما فيه من الخطر والمشقة والضرر أعظم دليل على صدق الإيمان، ويؤيد ذلك أن السياق لقصة حاطب رضي الله عنه المفهمة في الظاهر لعدم الثبات في الإيمان وإرادة الجهاد الدال على المصدق فيه، ولذلك قال عمر رضي الله عنه ما قال- والله الهادي.
ولما كان الجمع بين الروح وعديلها المال على وجه الرضا والرغبة أدل على صحة الإيمان، قال: {بأموالكم} وقدمها لعزتها في ذلك الزمان ولأنها قوام الأنفس والأبدان، فمن بذل ماله كله لم يبخل بنفسه لأن المال قوامها.
ولما قدم القوام أتبعه القائم به فقال: {وأنفسكم} ولما أمر بهذا في صيغة الخبر اهتمامًا به وتأييدًا لشأنه، أشار إلى عظمته بمدحه قبل ذكر جزائه، فقال: {ذلكم} أي الأمر العظيم من الإيمان وتصديقه بالجهاد {خير لكم} أي خاصة مما تريدون من الذبذبة بمناصحة الكفار {إن كنتم} أي بالجبلات الصالحة {تعلمون} أي إن كان يمكن أن يتجدد لكم علم في وقت من الأوقات فأنتم تعلمون أن ذلك خير لكم، فإذا علمتم، أنه خير أقبلتم عليه فكان لكم به أمر عظيم، وإن كانت قلوبكم قد طمست طمسًا لا رجاء لصلاحها فصلوا على أنفسكم صلاة الموت.
ولما كان معنى {تؤمنون}: فالأمر كما تقدم، لكنه حول عن ذلك لما ذكر، وكان أهم ما إلى الإنسان خوفه مما هدد عليه، أمن سبحانه من ذلك دالًا على أصل الفعل بجزم ما هو في موضع الجواب فقال: {يغفر لكم} أي خاصة دون من لم يفعل ذلك {ذنوبكم} أي بمحو أعيانها وآثارها كلها.
ولما قرع القلوب من كدر العقاب والعتاب، لذذها بطيب الثواب فقال: {ويدخلكم} أي بعد التزكية بالمغفرة رحمة لكم {جنات تجري} ودل على قرب الجاري وتخلله الأراضي بالجار فقال: {من تحتها} أي تحت أشجارها وغرفها وكل متنزه فيها {الأنهار} فهي لا تزال غضة زهراء، ولم يحتج هذا الأسلوب إلى ذكر الخلود لإغناء ما بعده عنه، دل على الكثرة المفرطة في الدور بقوله بصيغة منتهى الجموع: {ومساكن} ولما كانت المساكن لا تروق إلا بما يقارنها من المعاني الحسنة قال: {طيبة} أي في الاتساع واختلاف أنواع الملاذ وعلو الأبنية والأسرة مع سهولة الوصول إليها وفي بهجة المناظر وتيسر مجاري الريح بانفساح الأبنية مع طيب الغرف، لم يفسد الماء الجاري تحتها شيئًا من ريحها ولا في اعتدالها في شيء مما يراد منها.
ولما كانت لا يرغب فيها إلا بدوام الإقامة، بين صلاحيتها لذلك بقوله: {في جنات عدن} أي بساتين هي أهل للإقامة بها لا يحتاج في إصلاحها إلى شيء خارج يحتاج في تحصيله إلى الخروج عنها له، ولا آخر لتلك الإقامة، قال حمزة الكرماني في كتابه جوامع التفسير: هي قصبة الجنان ومدينة الجنة أقربها إلى العرش.
ولما كان هذا أمرًا شريفًا لا يوجد في غيرها قال: {ذلك} أي الأمر العظيم جدًا وحده {الفوز العظيم}.
ولما ذكر ما أنعم عليه به في الأخرى لأنه أهم لدوامها، كان التقدير بما دل عليه العطف: هذا لكم، عطف عليه ما جعل لهم في الدنيا فقال: {وأخرى} أي ولكم نعمة، أو يعطيكم، أو يزيدكم نعمة أخرى.
ولما كان الإنسان أحب في العاجل وأفرح بالناجز قال: {تحبونها} أي محبة كثيرة متجددة متزايدة، ففي ظاهر هذه البشرى تشويق إلى الجهاد وتحبيب، وفي باطنها حث على حب الشهادة بما يشير إليه من التوبيخ أيضًا على حل العاجل والتقريع: {نصر من الله} أي الذي أحاطت عظمته بكل شيء لكم وعلى قدر إحاطته تكون نصرته {وفتح قريب} أي تدخلون منه إلى كل ما كان متعسرًا عليكم من حصون أعدائكم وغيرها من أمورهم في حياة نبيكم صلى الله عليه وسلم أعظمه فتح مكة الذي كتب حاطب رضي الله عنه بسببه، وبعد مماته، وفيه شهادة لحاطب رضي الله عنه بأنه يحب نصرة النبي صلى الله عليه وسلم والفتح عليه مكة وغيرها لصحة إيمانه كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى.
ولما كان ما تقدم من المعاتبة إنذارًا لمن خالف فعله قوله من الذين آمنوا، وكان المقام قد أخذ حظه من الإنذار والتوبيخ، طوى ما تقديره: فأنذر من لم يكن راسخًا في الدين من المنافقين، ومن خالف فعله قوله من المؤمنين: عطف عليه دلالة عليه ليكون أوقع في النفس لمن يشير إليه طيه من الاستعطاف قوله: {وبشر المؤمنين} أي الذين صار الإيمان لهم وصفًا راسخًا كحاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه بأن الله يفتح لك البلاد شرقًا وغربًا، وأول ذلك مكة المشرفة ولا يحوجهم إلى أن يدرؤوا عن عشائرهم وأموالهم ولا أن يكون شيء من أفعالهم يخالف شيئًا من أقوالهم. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10)}
اعلم أن قوله تعالى: {هَلْ أَدُلُّكُمْ} في معنى الأمر عند الفراء، يقال: هل أنت ساكت أي اسكت وبيانه: أن هل، بمعنى الاستفهام، ثم يتدرج إلى أن يصير عرضًا وحثًا، والحث كالإغراء، والإغراء أمر، وقوله تعالى: {على تجارة} هي التجارة بين أهل الإيمان وحضرة الله تعالى، كما قال تعالى: {إِنَّ الله اشترى مِنَ المؤمنين أَنفُسَهُمْ وأموالهم بِأَنَّ لَهُمُ الجنة} [التوبة: 111] دل عليه {تُؤْمِنُونَ بالله وَرَسُولِهِ} والتجارة عبارة عن معاوضة الشيء بالشيء، وكما أن التجارة تنجي التاجر من محنة الفقر، ورحمة الصير على ما هو من لوازمه، فكذلك هذه التجارة وهي التصديق بالجنان والإقرار باللسان، كما قيل في تعريف الإيمان فلهذا قال: بلفظ التجارة، وكما أن التجارة في الربح والخسران، فكذلك في هذا، فإن من آمن وعمل صالحًا فله الأجر، والربح الوافر، واليسار المبين، ومن أعرض عن العمل الصالح فله التحسر والخسران المبين، وقوله تعالى: {تُنجِيكُم مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} قرئ مخففًا ومثقلًا، {وَتُؤْمِنُونَ} استئناف، كأنهم قالوا: كيف نعمل؟ فقال: {تُؤْمِنُونَ بالله وَرَسُولِهِ} وهو خبر في معنى الأمر، ولهذا أجيب بقوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ} وقوله تعالى: {وتجاهدون فِي سَبِيلِ الله} والجهاد بعد هذين الوجهين ثلاثة، جهاد فيما بينه وبين نفسه، وهو قهر النفس، ومنعها عن اللذات والشهوات، وجهاد فيما بينه وبين الخلق، وهو أن يدع الطمع منهم، ويشفق عليهم ويرحمهم وجهاد فيما بينه بين الدنيا وهو أن يتخذها زادًا لمعاده فتكون على خمسة أوجه، وقوله تعالى: {ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ} يعني الذي أمرتم به من الإيمان بالله تعالى والجهاد في سبيله خير لكم من أن تتبعوا أهواءكم {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} أي إن كنتم تنتفعون بما علمتم فهو خير لكم، وفي الآية مباحث:
الأول: لم قال: {تُؤْمِنُونَ} بلفظ الخبر؟ نقول: للإيذان بوجوب الامتثال، عن ابن عباس قالوا: لو نعلم أحب الأعمال إلى الله تعالى لعملنا، فنزلت هذه الآية، فمكثوا ما شاء الله يقولون: يا ليتنا نعلم ما هي؟ فدلهم الله عليها بقوله: {تُؤْمِنُونَ بالله}.
الثاني: ما معنى: {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} نقول: {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} أنه خير لكم كان خيرًا لكم، وهذه الوجوه للكشاف، وأما الغير فقال: الخوف من نفس العذاب لا من العذاب الأليم، إذ العذاب الأليم هو نفس العذاب مع غيره، والخوف من اللوازم كقوله تعالى: {وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] ومنها أن الأمر بالإيمان كيف هو بعد قوله: {يا أيها الذين آمنوا} فنقول: يمكن أن يكون المراد من هذه الآية المنافقين، وهم الذين آمنوا في الظاهر، ويمكن أن يكون أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فإنهم آمنوا بالكتب المتقدمة فكأنه قال: يا أيها الذين آمنوا بالكتب المتقدمة آمنوا بالله وبمحمد رسول الله، ويمكن أن يكون أهل الإيمان كقوله: {فَزَادَتْهُمْ إيمانا} [التوبة: 124]، {لِيَزْدَادُواْ إيمانا} [الفتح: 4] وهو الأمر بالثبات كقوله: {يُثَبّتُ الله الذين ءَامَنُواْ} [إبراهيم: 27] وهو الأمر بالتجدد كقوله: {يَا أَيُّهَا الذين ءَامَنُواْ ءَامِنُواْ بالله وَرَسُولِهِ} [النساء: 136] وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «من جدد وضوءه فكأنما جدد إيمانه»، ومنها: أن رجاء النجاة كيف هو إذا آمن بالله ورسوله، ولم يجاهد في سبيل الله، وقد علق بالمجموع، ومنها أن هذا المجموع وهو الإيمان بالله ورسوله والجهاد بالنفس والمال في سبيل الله خبر في نفس الأمر.
{يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}
اعلم أن قوله تعالى: {غَفَرَ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} جواب قوله: {تُؤْمِنُونَ بالله وَرَسُولِهِ وتجاهدون في سَبِيلِ الله} [الصف: 11] لما أنه في معنى الأمر، كما مر فكأنه قال: آمنوا بالله وجاهدوا في سبيل الله يغفر لكم، وقيل جوابه: {ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ} [الصف: 11] وجزم: {يَغْفِرْ لَكُمْ} لما أنه ترجمة: {ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ} ومحله جزم، كقوله تعالى: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن} [المنافقون: 10] لأن محل {فَأَصَّدَّقَ} جزم على قوله: {لَوْلا أَخَّرْتَنِي} وقيل: جزم {يَغْفِرْ لَكُمْ} بهل، لأنه في معنى الأمر، وقوله تعالى: {وَيُدْخِلْكُمْ جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار} إلى آخر الآية، من جملة ما قدم بيانه في التوراة، ولا يبعد أن يقال: إن الله تعالى رغبهم في هذه الآية إلى مفارقة مساكنهم وإنفاق أموالهم والجهاد، وهو قوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ} وقوله تعالى: {ذلك الفوز العظيم} يعني ذلك الجزاء الدائم هو الفوز العظيم، وقد مر، وقوله تعالى: {وأخرى تُحِبُّونَهَا} أي تجارة أخرى في العاجل مع ثواب الآجل، قال الفراء: وخصلة أخرى تحبونها في الدنيا مع ثواب الآخرة، وقوله تعالى: {نَصْرٌ مّن الله} هو مفسر للأخرى، لأنه يحسن أن يكون: {نَصْرٌ مّن الله} مفسرًا للتجارة إذ النصر لا يكون تجارة لنا بل هو ريح للتجارة، وقوله تعالى: {وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} أي عاجل وهو فتح مكة، وقال الحسن: هو فتح فارس والروم، وفي {تُحِبُّونَهَا} شيء من التوبيخ على محبة العاجل، ثم في الآية مباحث:
الأول: قوله تعالى: {وَبَشّرِ المؤمنين} عطف على {تؤمنون} [الصف: 11] لأنه في معنى الأمر، كأنه قيل: آمنوا وجاهدوا يثبكم الله وينصركم، وبشر يا رسول الله المؤمنين بذلك.
ويقال أيضًا: بم نصب من قرأ: {نَصْرًا مِنَ الله وفتحًا قَرِيبًا}، فيقال: على الاختصاص، أو على تنصرون نصرًا، ويفتح لكم فتحًا، أو على يغفر لكم، ويدخلكم ويؤتكم خيرًا، ويرى نصرًا وفتحًا، هكذا ذكر في الكشاف. اهـ.